للتعلم عن بعد فوائد جمة وقد ساهم في تغيير حياة الكثيرين من حولك بشكل جذري؛ فهو عملية مستمرة لا تتوقف بانتهاء الدراسة الجامعية؛ قد تشمل تعلم لغة أو حتى الطهي والرسم وممارسة الرياضة..
وهذا التعلم ليس فقط يصقل مهاراتك ويحقق الاستفادة القصوى من وقت الفراغ خلال فترة العزلة المنزلية بسبب وباء كورونا، كما يخفف من حدة التوتر؛ ولكنه أيضا سبب قد يحسن مستواك العملي والمادي، ويغير تدريجيا من نمط حياتك ونظرتك للأشياء وعلاقاتك بالمحيطين.
يقول جيمس والمان في كتابه “الوقت وكيفية إنفاقه”: إن “النمو الشخصي أمر أساسي للسعادة على المدى الطويل”.
لذلك على الرغم من أن ساعة الاستماع إلى محاضرة قد لا تكون مغرية مثل الإشباع الفوري لمشاهدة التلفزيون أو وسائل التواصل الاجتماعي، إلا أنها ستؤدي إلى مزيد من الرضا عن الحياة على المدى الطويل” مضيفًأ: “يمكنك أن تقول إن البشر مثل الدراجات: إذا كنت لا تتجه نحو شيء تسقط عليه”.
هل تصدق! نيلسون مانديلا المناضل الإفريقي الراحل حصل على درجة البكالوريوس من خلال التعلم عن بعد، من جامعة جنوب أفريقيا. في ذلك الوقت، قدم مانديلا الشاب مهامه وتلقى ردود فعل من خلال المراسلات.ثم واصل تعليمه بشهادة في القانون في جامعة ويتواترسراند. وعلى الرغم من ذهابه إلى السجن، واصل دراسته حتى من وراء القضبان. وكما لو أن ذلك ليس ملهماً بما فيه الكفاية، فقد قدم أيضاً بنفس الأسلوب المشورة القانونية للسجناء وموظفي السجون في بلاده..
مانديلا لذلك يقول : التعلم أقوى سلاح لتغيير العالم.
الفرص كثيرة!
لحسن الحظ؛ حاليا تنتشر منصّات التعلم المجاني والتي تدعمها الحكومات قاطبة حول العالم، بعد إغلاق المدارس والجامعات، ومنها edX و Coursera و FutureLearn ، وعادة ما تنطوي المحاضرات على محاضرات الفيديو وقراءة النصوص والاختبارات المنتظمة للتحقق من ذاكرتك وفهم المنهج الدراسي.
اليوم لا نتحدث عن التعلم المدرسي عن بعد فحسب ولكن التعلم عن بعد بوجه عام كنمط جديد يغير الحياة.
وبحسب صحيفة “الجارديان” فإن استراتيجيات عدة تساعدك في البقاء متحفزًا وأهمها خلق روتين يؤهلك للمواظبة على التعلم وحل التمارين والتقييمات، بالإضافة لخلق فريق من رفقاء الدراسة للتحفيز.
لماذا يجب أن نتعلم عن بعد؟
نشر موقع التعلم الدولي “study international” فوائد خمس رئيسية للتعلم عبر الإنترنت؛ ومنها –بحسب شارونا سيغارين- كونها الأكثر جاذبية ومرونة والتي تمنحك بيئة حميمية اجتماعية وتفاعلا أكبر من داخل بيتك وتزيد من فرص حصولك على وظيفة مميزة وتنمية قدراتك.
-
تعلم مريح مرن
لقد وجد تقرير “اتجاهات التعليم عبر الإنترنت” لعام 2019 أنه للسنة الثالثة على التوالي، تصدرت الراحة والمرونة قائمة الأسباب للطلاب الذين يختارون برنامجًا عبر الإنترنت بدلاً من الحرم الجامعي.
هذه المرونة مهمة لمن يعملون في وظيفة بدوام كامل، والتزامات عائلية، حيث يمكنهم دائما التعلم وفق جدول يلائم حياتهم.
يمكنك الدراسة في الصباح أو بعد الظهر أو المساء أو الليل – أيًا كان ما يناسبك بشكل أفضل ، بدلاً من الالتزام بجدول الفصل الدراسي.
-
بيئة ملائمة حميمية
وواحدة من فوائد التعلم عبر الإنترنت هي التي يمكن أن تخلق بيئة تناسبك؛ بدلاً من الاضطرار إلى عازل للصوت غرفتك بسبب زملاء المنزل الصاخبة أو الاضطرار إلى البحث عن مكان في مكتبة جامعية مزدحمة، يمكنك إعداد مساحة هادئة خاصة بك في غرفتك أو منطقة أخرى من المنزل.
إذا كنت لا تشعر بأنك منتج في المنزل، يمكنك أيضًا الدراسة في مكتبة مجتمعية أو مقهى، أيًا كان الأفضل بالنسبة لك. يجد بعض الأشخاص أعراضًا شخصية تشتت الانتباه، لذلك إذا كنت واحدًا منهم ، فلا داعي للقلق بشأن هذا الأمر من خلال برنامج عبر الإنترنت.
-
التواصل بلا رهبة
كما أن التعلم يكون أفضل حينما تتوفر لديك الحوافز لهذا الذي تدرسه عن بعد، وبعيدا عن الفصول الدراسية التقليدية التي قد تصيبك بالملل.
وقال أحد الطلاب الجامعيين: “من المثير للاهتمام أنني لاحظت أنه من الأسهل على بعض الطلاب التحدث في الصف لأنهم لا يتعرضون للترهيب من خلال وجودهم في قاعة محاضرات مع أكثر من مائة شخص، وبدلاً من ذلك هم في راحة تامة داخل غرفهم”.
يستفيد طلاب اليوم عبر الإنترنت من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي للتفاعل مع بعضهم البعض.
في كتاب “وسائل التواصل الاجتماعي: الأداة الجديدة في تعليم الأعمال”، كتب الباحثون: “توفر بيئات التعلم عبر الإنترنت مجالًا تعليميًا فريدًا من حيث إمكانية التفاعل والمشاركة والتعاون”.
-
تعليم موفر
إن التعلم عبر الإنترنت يمكن توفيره بأسعار مقبولة لشرائح اجتماعية مختلفة، بل إنه يوفر تكلفة التنقلات للفصول الدراسية والكثير من النفقات المرتبطة بالخروج من المنزل.بالإضافة إلى أن تكلفة الالتحاق بالبرامج التعليمية على الإنترنت أوفر كثيرا من التقليدية أو اختيار دورة تدريبية عبر الإنترنت من منصات مثل Coursera و EdX
وهذا يعني أن هناك الكثير من الدورات المتاحة التي تناسب ميزانيتك – بعضها مجاني!
-
التطور في حياتك الوظيفية
وواحدة من فوائد التعلم عبر الإنترنت هو أن تحصل على فرصة للنهوض بحياتك المهنية، وقد وجدت دراسة استقصائية أجرتها جامعة بيرسون في العام الماضي أن هناك تحولا كبيرا إلى “تعليم عن بعد”.
ووفقاً للتقرير، “مع سهولة الوصول إلى التكنولوجيا والاقتصاد العالمي المتغير، فإن الناس يأخذون زمام الأمور بأيديهم. إنهم يعتقدون أن التعلم الذاتي الخدمة سيصبح أكثر شيوعًا مع سعي الناس إلى التعليم طوال حياتهم.
تبحث بتنمية مهاراتك واكتساب أخرى جديدة، ولا يمكنك الحصول على إجازة من عملك؟ هذا يحدث عندما تلتحق بدورة على الانترنت، والبعض يحصل على درجات علمية أيضا مثل الماجستير دون الحاجة إلى التضحية بوظيفته ذات الدخل الثابت، وبما يحقق فرصا لوظيفة أفضل.
وبالطبع تتطلب الدراسة عبر الإنترنت مهارات معينة مثل الانضباط الذاتي والتحفيز الذاتي والتواصل. وترى الدراسة أنه عندما تكون متعلمًا عبر الإنترنت ، ستجد أنك ستشحذ بسرعة وتنقل هذه المهارات الهامة في مكان العمل.على سبيل المثال، ستحتاج إلى التواصل – سواء شفهيًا أو مكتوبًا – مع أساتذتك وأقرانك بانتظام. وهذا سوف شحذ مهارات الاتصال الخاصة بك.
ستحتاج أيضًا إلى تحفيز نفسك وتحويل مهامك عبر الإنترنت، ووفقاً للدراسة فإن “دمج المشاركة على شبكة الإنترنت والتفاعل في دوراتك الدراسية”، يعزز مهارات التفكير النقدي على عكس التعلم وجهًا لوجه، حيث يمكن أن يكون من الصعب تقديم تعليقات انتقادية.
مفيد لأصحاب الأعمال بشدة
يمكننا أن نقول بأمان أن التعليم الإلكتروني أصبح ضرورة مطلقة في عالم اليوم، لأنه يوفر للمتعلمين تجربة تعليمية غنية بشكل استثنائي. ولكن، كيف أصبح التعليم الإلكتروني جزءاً مهماً من تدريب الشركات، ولماذا ينمو شعبيته بسرعة؟
وتبين الأسباب – بحسب مقال كامي أندرسن والمنشور بشبكة التعلم الإليكتروني elearning industry- لماذا يعتمد عدد متزايد من المنظمات هذا النهج الخاص لتدريب الموظفين؛ باعتباره أمر يزيد من كفاءة العاملين بنسبة 50%.
أكثر من 40٪ من الشركات أن التعليم الإلكتروني قد ساعدها على رفع مستويات الإيرادات، والشركات التي تقدم التدريب باستخدام التكنولوجيا (بما في ذلك التعليم الإلكتروني) حققت أكثر من 25٪ من الإيرادات أعلى لكل موظف.
ومن هنا لم يعد مفاجأة انتشار التعلم الإليكتروني، وإدخال التعلم المتخصص، يليه التعلم الاجتماعي، والتعلم التكيفي، والواقع الافتراضي والمعزز، وكلها جعلت من الضروري لجعل التعلم المرن ممكنًا في بيئة عبر الإنترنت.
هذا التطور في التعلم الإلكتروني هو بالضبط ما مكن المؤسسات من تبني القوة الكاملة للتعلم عبر الإنترنت ، واتخاذ خطوة كبيرة نحو خلق قوة عاملة قوية من الموظفين عالية الأداء والتعاون الذين يساهمون حقًا في نجاح ونمو أعمالهم.
.. إن التعلم عبر الإنترنت هو ضرورة حتمية ذكّرتنا بها محنة وباء كورونا وعزلتها المنزلية، والتي حتما تستطيع أن تحولها إلى منحة لحياتك الجديدة بعدها وحياة أبنائك.