كيف حال لسانك العربي؟ مهلًا قبل أن تجيب؛ عليك بالسير على قدميك في وسط أي عاصمة عربية؛ يافطات المحال وإعلاناتها معظمها بالإنجليزية، وإذا ما تهورت وجربت المشاركة في أي حديث بين أصدقائك بلغتك الفصحى، غالبا ستتحول لوجبة اليوم الساخرة، أما إذا ما قادك حظك العثر للتقدم لشغل أي وظيفة فسوف تفاجأ أن إحدى أهم مسوغات التعيين الحديثة هي إتقان الإنجليزية “بطلاقة” على حين لم يفكر أحدهم باختبار إتقانك للعربية.
واقع الحال يؤكد أن إتقان العربية ليس “مفروغا منه” بل إن خريجي الجامعات لا يستطيعون التعبير بلغتهم، حتى في تلك المهن القائمة على مسألة اللغة مثل “المعلم” و”المحامي” أما المناهج فهي تستحضر الخيمة والشعر الجاهلي في قفزة تفتقد لتأسيس وعي المتعلم المبتديء وتذوق تلك اللغة في حياته اليومية أولًا.
ربما لهذا يشعر المهمومون باللغة العربية، أن العرب أنفسهم يصدرون انعدام الثقة فيها، وبرغم من كونها لغة مقدسة لدى المسلمين باعتبارها لغة القرآن الكريم، وأنها على جانب آخر اللغة الخامسة بين الأوسع انتشارا عالميا، وتشهد تزايدا في مراكز تعلمها حول العالم.. وهي لغة فريدة مبنى ومعنى، “أم لغات الأرض”؛ فهي الشجرة التي ضربت بجذورها مبكرا وامتدت فروعها فأصبحت لا تضاهى ثراء في المفردات والتراكيب والأساليب، ولعلها الوحيدة التي حافظت على أصالتها فلم تتغير في الوقت الذي مكنتها حيويتها من التجديد واستحداث مفردات معاصرة.
كل ذلك لم يشفع للعربية عند أهلها، وسادت حالة انعدام الثقة وامتدت لتصل متعلمي اللغة من غير الناطقين بها في أحيان كثيرة، وخاصة من العالم الغربي ( أوروبا والامريكتين)، ومن مظاهر ذلك أنهم يعودون للتعبير بلغتهم بعد أن أتقنوا اللغة العربية!
يخبرنا بذلك د. سيد ضيف الله عضو لجنة الدراسات الأدبية بالمجلس الأعلى للثقافة، وأستاذ مساعد النقد والأدب العربي في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، وهو ممن كرسّوا أنفسهم للغة العربية فصحى وعامية، وتخصص في تعليمها للأجانب بجامعات مصرية وأجنبية، ونال مؤخرا درجة الماجستير الثانية عن الأساليب الحديثة في تعليم العربية لغير الناطقين بها..
وإلى نص الحوار الذي أجرته “كلمن” مع الخبير اللغوي المصري..
ما العقبات التي تحول دون التعلم الفعّال للغة العربية؟
لابد من إعادة النظر في طرق تدريس اللغة العربية والتي أصبحت غير فعّالة، سواء في التعليم النظامي أو التعلم الحر، وبين الناطقين بالعربية أو من سواهم من شعوب العالم؛ وكلمة السر في التطور هو بناء طالب مستقل لا يعتمد على التلقين، بل التفاعل، والتعلم بشكل جماعي، والنقاش والبحث، والتعبير عن نفسه في مواقف مختلفة وبشكل تلقائي وسليم.
فمثلا هناك خطأ شائع في الاعتماد على القواميس لتعلم مفردات جديدة عربية، سواء ما كان منها (عربي-عربي) أو (عربي- أجنبي) بأي لغة، فالأصل أن يعتاد الطالب على تخمين معنى الكلمة من خلال فهمه للسياق الذي تضمه، ويأتي ذلك عبر فهمه للأوزان؛ فالكلمة التي لا أفهمها ولكنها على وزن “فاعل” مثل “دارس” أو “قائل” فهي تعني أن ثمة من قام بفعل ما ويمكن تخمينه من الجملة ذاتها والموضوع الذي تناقشه، أو وزن “مفعول” مثل “مقبول” تعني أن أحدا ما قام بالفعل تجاهي فأصبحت مفعولا به، وهكذا على بقية الأوزان، وتلك ميزة اللغة العربية في نظامها الصرفي.
ودور المعلم لم يعد ملقنًا لمجموعة مستمعين، ولكنه مدرب يعينك بنفسك على استخراج المعنى من الجذر الأصلي، (خرج- يخرج- خارج- مخرج- خريج-متخرج- مخرج) هذه مشتقات جذر واحد وهو “خرج”، وخطورة الاعتماد على القاموس أنه يعزل المفردة عن سياقها غالبا، وبالتالي يعطل فهمك البديهي لها في موضعها.
والنقطة الثانية في مشكلات المناهج التقليدية أنها تقوم على حفظ قواعد النحو، بغير تدريب الطلاب على اكتشاف علاقات الكلمات والتي ينتج عنها إعرابها، فدوري كمدرب هو جعل المتدرب يدرك موقع الكلمة هل هي اسم أم فعل أو فاعل أم مفعول ويكون شبكة علاقات في العبارة تعينه على فهمها بسهولة.
وثالث جوانب التغيير المطلوبة هو أن يستطيع الطالب بعد أن فهم الأوزان وعلاقات الكلمات أن يخمن باستخدام الحقول الدلالية المرتبطة بالموضوع، فإذا كنا نتحدث عن موضوع اقتصادي، فإن “مستخرجات” سترتبط مثلا بالتعدين والذهب والبترول، ولا يشترط أن أفهم معناها، ويكفي أن أعرف جذرها من “خرج” وأنه “مستفعل”، ويضاف لذلك تزويد الطلاب بأكثر الكلمات الشائعة في كل حقل دلالي وموضوع وهذا يعين كثيرا في الفهم لأنه بمرور الوقت وتراكم القراءة والتحدث يحدث تكرار للكلمات ويصبح فهمها أيسر.
ثم النقطة الرابعة في التعليم العصري للغة وهي الاعتماد على خلفية الطالب الثقافية، واستدعاء تلك الخلفية في كل موضوع يدرسه، والقراءة عنه بلغته أولا، وهذا يفعل بنيته الذهنية ومهاراته الأربع.
هل يسهل للمبتدئين التعلّم بهذه الطريقة؟
ألفت لأمر هام، وهو أن هذا النظام مفيد للمبتدئين وضروري أيضا، فبغير تربية الطلاب على الاعتماد على ذواتهم في استنباط المعاني سيصبح الطريق طويلا وشاقا أمامهم للفهم وإنتاج المعاني والتعبير بتلك اللغة. وهو ما نسميه بـ”الكسل الذهني” أن يأتي الطالب بالقاموس ويستخرج الكلمات الصعبة وينتهي الأمر!
التفاوت لا يحدث في الأسلوب لكن في نوعية النص الذي نتناوله، فنحن نعتمد على النصوص البسيطة المتدرجة بحسب تمكن الطلاب وصقلهم لمواهبهم، وهذا التدرج كفيل بإحداث النقلة، ومن جانب آخر فإن دور المعلم يكون أكبر كلما كانت المراحل ابتدائية في التعلم، ويقل تدريجيا بمرور الوقت ليفسح المجال امام الطلاب لصنع تجارب شخصية ممتعة.
ما المعايير التي تختار على اساسها النصوص الأدبية في تعليم الأجانب للغة العربية؟
بالطبع جانب من تلك المعايير هو ميول الطلاب وخلفيتهم الثقافية، ثم ثقة المعلم في النص وإبداعه وملائمته لمجال التعلم في الوقت ذاته، فلا نبحث عن نصوص متقعرة في لغتها او شديدة التخصص، أو بعيدة عن نطاق الحياة اليومية، بل نستخدم اللغة العربية المعاصرة، والتي نجدها في مقالات الصحف والمجلات والروايات والأشعار، وأفضل مثلا اختيار نصوص نجيب محفوظ والغيطاني ومحمود درويش وصلاح جاهين وأحمد عبدالمعطي حجازي والطيب صالح والأبنودي وغيرهم من قامات الإبداع شعرا ونثرا.
والاستثناء في مسألة العربية المعاصرة حين يكون الطالب متخصصا أو دارسا يستهدف حقل بعينه في الدراسات اللغوية، كالتراث العربي أو الإسلامي، يكون يكون الإبحار في نصوص كلاسيكية مفيدًا للغاية.ولكنها مرحلة عادة تأتي متأخرة بعد تعلم اللغة والطلاقة فيها.
ما أهم دوافع تعلم الأجانب للغة العربية برأيك؟
هناك طفرة مبهجة في أعداد دارسي اللغة العربية على مستوى العالم، وزيادة مقابلة كما وكيفا في مراكز ومناهج تعليم العربية، وبعد انتشار جائحة كورونا أصبح كثير منها يحدث عن بعد عبر التكنولوجيا وهذه ميزة كبيرة لنشر اللغة العربية.
بالطبع ساهمت الأحداث السياسية في خلق فضول لدى شريحة كبيرة لفهم العالم العربي والتيارات المتحكمة في المشهد الديني والثقافي لتكوين وجهة نظر وخاصة بعد هجمات سبتمبر 2011، لكن تعلم اللغة العربية في مصر مثلا غالبا يكون بدافع الحصول على وظيفة في بلد عربي، أو التواصل مع العرب بالنسبة لمن يستقر فترة في دولة عربية، وكثيرا ما يكون بدوافع بحثية كأن يكون الطالب بالأساس باحثا في جامعته للدراسات العليا في موضوع متعلق بالعالم العربي، وهو ما نلحظه كثيرا في الطلاب الآسيويين، وهناك فئة يدفعها شغف التعرف على العرب بشكل حر، ويشيع ذلك في الباحثين للشرق الأوسط والمثقفين وغيرهم.
بصراحة.. ألا يواجهك طلابك بغربتهم في الشارع حين يتحدثون الفصحى؟
نعم؛ وهذا ما نعاني منه كثيرا وهو “الازدواجية اللغوية” فاللغة الفصيحة واحدة على نطاق العالم العربي ولكن اللهجات واللغات العامية هي المستخدمة في حياتهم اليومية، وهذه كثيرة جدا، ولهذا يختلف معلمو اللغة العربية في الجامعات حول العالم في حل تلك الإشكالية بين من يقتصر على تعليم الفصحى وحدها، ويترك للطالب اكتساب العامية بالممارسة، وهناك من يحذر من التحدث بالعامية ويعتبرها خطر وهذا اتجاه سائد مثلا في المدارس الشرعية والأزهر الشريف، ولهذا يحافظ الطلاب الآسيويون على فصاحة عباراتهم، وربما يقصد بهذا أنهم يدرسون القرآن الكريم وعلومه ويرتبط تقدمهم في استيعابه بفصاحتهم.
وهناك من يزاوج بين تعليم الفصحى والعامية؛ وأنا أميل للاتجاه الثاني في المجمل، ولا أرى أنه يؤثر على سلامة اللغة الفصحى، تماما كما تدرس الإنجليزية وتستخدم كلمات شائعة عامية بعد تمكنك من الكلمات الفصيحة في المقابل، وأميل لتدريس العامية من خلال نصوص أدبية راقية كتلك التي صاغها لنا المبدعون الكبار “جاهين” و”حداد” و”الأبنودي” فهذه العامية تحمل كثافة في التعبير والمعنى وجاءت مطعمة بالعربية الفصيحة ولكن بشكل قريب من اللغة المحكية العادية.
ومعايير التعليم المعاصر للغة الثانية أصبح جزء أصيل منها القدرة على التعبير بالفصحى والعامية، بشكل طلق، وفهمها، وليس الفصحى وحدها، لأنه غياب العامية والأمثال الشعبية يعني غياب التفاعل غالبا مع المجتمع الذي تعيش فيه، هذا أمر لا مفر منه.
ماذا تعني بأزمة التعالي على العربية، وما مصدرها؟
هناك ظاهرة مؤسفة للغاية؛ أن طالب اللغة العربية حين يتقنها في الجامعة، فإنه يكتفي بأدائها داخل قاعات الدراسة، ولكنه لا يتخذها للغة للتعبير عن ذاته لاحقا بعد التخرج، أو خارج الجامعة، فنجد مثلا أن كل الرسائل المعدة في الجامعة الأمريكية مثلا عن اللغة العربية قد صيغت أساسا بالإنجليزية، وهو ما يحدث كثيرا في مراكز تعليم العربية لغير الناطقين بها، كما نجد أن أغلب الطلاب يكتبون في مدوناتهم الشخصية وصفحاتهم الاجتماعية، ويشاركون مقالات بالصحف والمجلات بلغتهم، وبرغم كونها تخص العالم العربي!
جرى اعتقاد بأن العرب ليسوا الأولى بالمخاطبة بل العالم ككل واللغة العالمية حاليا هي الإنجليزية، وطبعا هذا خطأ فادح وينطوي على نظرة متعالية!
وجزء من الأسباب مبن على الصور التقليدية التي خلقها الاستعمار للعالم العربي باعتباره في مرتبة أقل تحضرا، ويسود ذلك الاعتقاد لدى الطالب الأوروبي والأمريكي كثيرا، ولكن يحدث العكس مع الطلاب الآسيبويين ونجد منهم حرصا أشد على التعبير عن أنفسهم بالعربية سواء داخل بلادهم أو خارجها، باعتبار أن ذلك أحد معايير التمكن في اللغة، بخلاف الطالب الأوروبي الذي يعتقد أنه بمجرد إتقانه للغة فليس عليه أن يتعامل أو يتحدث أو يكتب بها!!
أشعر بأسف أن تكون طالبة وحيدة بين كل من درست لهم عبر السنوات الماضية هي من تمكنت من إعداد دراسة نقدية أدبية باللغة العربية، وساهمت بنشرها في “أخبار الأدب”، وهو ما فعلته طالبة آسيوية أستعد لمناقشتها في رسالة تقارن نجيب محفوظ وكاتب صيني وقد وضعتها باللغة العربية.
أعتقد أنه آن الأوان لجعل التعبير الكتابي والشفهي بالعربية معيارا لإتقانها فلو نظرنا لكل لغات العالم التي نتعلمها، ونتخذ مثلا الأسبانية، سنجد أنهم يشترطون أن تقرأ وتكتب وتتحدث وتكتب بالإسبانية لإجازتك، وهذا ما نحتاجه.وفي هذا الجانب أشيد بحرص أقسام اللغة العربية في الجامعات الحكومية المصرية على إعداد الدراسات باللغة العربية بغض النظر عن جنسية الطالب.
ما رأيك في المشروع الذي ينظر فيه البرلمان المصري لتمكين اللغة العربية؟
هو مشروع طموح يكرس عشرات التوصيات والنداءات من مجمع اللغة والمثقفين بجعل اللغة العربية لغة حياة يومية واحترامها؛ فلا يليق أن تظل يافطات المحال أجنبية، كما اقترحت بوصفي عضوا في لجنة الدراسات الأدبية بالمجلس الأعلى للثقافة أن يوضع شرط قيد في النقابات لمنتسبي أي مهنة بإجادة اللغة العربية، كتابة وتحدثا، ويكون لذلك دورات تدريبية معدة، ويصبح الأمر شرطا للترقي الوظيفي أيضا، وهنا سيسارع الجميع لتعلم العربية الفصيحة من جديد وممارستها.
ومأخذي الوحيد على المشروع الجديد هو فكرة العقاب، وأنا أميل لمبدأ التحفيز لتبني اللغة العربية الفصيحة بشكل متداول في حياتنا، لأن العقاب يكرس الكراهية والمطلوب أن نعود للامتنان للغتنا القومية مثلما نجد حرص الفرنسيين على لغتهم مثلا وغيرتهم الشديدة عليها، هذا ما يجب أن ننميه ونغرسه، وأن نربط اللغة بكياننا وهويتنا ووجودنا.أن نشعر بالعار ألا يستطيع وكيل نيابة إعداد عريضة سليمة من الأخطاء الفادحة، أو محام، أو إعلامي وكاتب صحفي، فهذه كارثة قومية.
ومن جهة أخرى؛ لا يجب أن تأخذنا الغيرة على اللغة لمناقضة فروض العصر الحتمية، والقول بتعريب الطب والهندسة وما شابه، فالأخذ بالمستجدات يتطلب أن يعرف الطلاب لغة العلم الحديثة، وللأسف لتأخرنا قرونا طويلة، لم نعد مصدري العلم للعالم.
وما رأيك في مناهج اللغة العربية المقدمة للطلاب في مصر؟
جرت فيها تغييرات مطلوبة وتحديث ولكن يظل ينقصها ما يجعل الطالب قريبا من اللغة بشكل عصري ممتع ينمي ملكة التذوق والمهارات الأربع، وبالأخص مهارة التعبير السليم.وكافة ما ذكرناه من أساليب حديثة في تخمين الكلمات وربطها بالسياق والكتابة المقالية وأسسها والتعبير والبحث والتفاعل، أعلم أننا نريد مساحة أكبر من التفاعل مع الطالب لكن يجب ألا تظل شكلية!
هل حماية اللغة العربية تحتاج لقرارات سيادية؟
بالطبع لا مفر من ذلك؛ ففي دولة مثل الصين نجد اختبارات اللغة في كل المؤسسات الحكومية وشرطا لابد منه، ويعد فقدان القدرة على التعبير بالصينية الفصيحة عيبا حقيقيا في المجتمع ووسائل الإعلام. وبالمناسبة فإن الصين من أكثر الدول اهتماما بتعليم العربية باعتبارها مقصدا ثقافيا واقتصاديا.
وهنا يجدر الإشادة بحرص بعض قطاعات الدولة المصرية على مسألة إتقان الفصحى ومنها وزارة الخارجية بالتحديد والتي تجري اختبارات دورية للتأكد من سلامة التعبير عند أبناء السلك الدبلوماسي، ونتمنى أن يتم تعميم هذا الأمر على كل الوزارات.
ولهذا فالأمر ليس نصوص الدستور التي لا تدع مجالا للشك في قيمة اللغة ومكانتها، وإنما تفعيل ذلك في الواقع، يجب أن يشاهد المجتمع رقي من يمتلك ناصية اللغة في الوظيفة والتعلم، ألا نجد أستاذا جامعيا لا يمكنه التحدث بالعربية، فكيف تمت ترقيته إذن، وألا نجد مذيعا في الإذاعة ولا يتحدث الفصحى!
أنا مع الانفتاح على العصر؛ وتعلم اللغة العالمية أمر حتمي، لكن مؤسف أن يسارع الجيل الجديد لإتقان الإنجليزية بطلاقة وينسون لغتهم الأم، لأننا لم نورثهم الثقة فيها، ولم نفرح أو نفخر بما أنجزوه وما يمكن أن ينجزوه فيها على مستوى القراءة والتعلم والإبداع.. أعلم أن هناك كثيرين من الغيورين على اللغة يفعلون، لكن ما نسبتهم من المجتمع ومن أصحاب الوظائف وغيرهم، هذا هو السؤال! وسوف تدرك تلك الأجيال لاحقا أن العالم لا يحترم أمة لا تقيم وزنا للغتها وتكتفي بمجرد الذوبان التام في الآخر الذي يفرض لغته وحضوره بشتى الصور.