شهدت السنوات الأخيرة اهتماما ملحوظًا باستخدام الألعاب الرقمية لتعلم اللغة، بالتزامن مع النمو الهائل في الألعاب متعددة اللاعبين عبر الإنترنت، وانتشار الألعاب المحمولة للهواتف الذكية، ولهذا عليك كمربِ أو والد أن تفكر جديًا ما نوعية الألعاب اللغوية التي ستوفرها ليتقن ابنك لغته الأم والثانية، وكيف يمكن دمجها بالمناهج الدراسية؟! ([1]) وفي مجال تعلم اللغة العربية يجب أن تتحول لعملية سهلة جذابة بعيدا عن الملل من خلال استخدام الطرق الأكثر إبداعًا كالقصص والأغاني والألعاب والتي تشجع ملكات التفكير والخيال والمهارات الأربع السمع والنطق والتحدث والكتابة.
ومن حسن الحظ أن الكثير منها أصبح متوفرًا، ومنها ما تطرحه منتجات “كلمن” و”بارق” التابعة للمجموعة المتحدة للتعليم، والتي توفر سلة متنوعة تلائم كل الفئات العمرية لإتقان اللغة العربية بشكل ممتع.
وتعد الألعاب اللغوية من اهم الفرص لبيئة تعلم مليئة بالمرح، وتشجيع التعبير الحر والثقة والحافز من قبل المتعلمين.
أشهر الألعاب اللغوية
الكلمات: تعد من أشهر الألعاب اللغوية والتي توسع مفردات أطفالك مثل الإشارة إلى العناصر في المنزل أو خارجه.([2])
النكات والألغاز: تعزز روح الدعابة والإبداع لدى الأطفال، كما تعد طريقة ممتعة لاستخدام الكلمات ورسم صور لمشاهد أو مواقف.
السرد القصصي: بينما توفر الكتب القصصية ترفيهًا وافرًا ، فإن مشاركة القصص – سواء كانت حقيقية أو وهمية – يمكن أن توفر وقتًا جيدًا للتواصل مع أطفالك بينما تساعد في تطوير مهارات الاتصال لديهم. تبادل القصص حول الأحداث اليومية. وسع خيالهم بقصص خيالية ودع إبداعهم ينمو وأنت تبتدع قصصًا عن أي شيء وكل شيء من حولهم.
الأغاني: بصرف النظر عن تسخير قدراتهم الموسيقية ، تساعد الأغاني الأطفال أيضًا على تعلم كلمات جديدة. تتميز كلمات الأغاني بإحساس القافية والإيقاع ، لذا سيكون من السهل والمسلي بالنسبة لهم الغناء معها. بالإضافة إلى ذلك ، يمكن أن يكون مجرد ضبط لحن نشاط ما لعبة ممتعة يمكنك لعبها مع أطفالك.
الألعاب المجسمة وثلاثية الأبعاد: وتتيح المحاكاة الكاملة للظروف الطبيعية واكتساب المفردات مثل التجول داخل حديقة وكلما اقتربت من شجرة او ثمرة او نحلة سكتسب كلمة ويستطيع نطقها.
الكلمات المتقاطعة: إحدى ألعاب الذكاء الشهيرة، وهي عبارة عن لعبة يتم فيها تجميع الكلمات في صفوف أفقية وفي صفوف رأسية، الهدف منها ملء المربعات البيضاء عن طريق وضع الكلمات أو العبارات، عن طريق حل الجمل والألغاز التي تكتب في أسفل الكلمات المتقاطعة والتي تؤدي إلى إجابات على نفس عدد المربعات الفارغة في اللعبة.
سلسلة التفاعل: في كل مرة يفكر اللاعب في كلمة تبدأ بآخر حرف انتهى إليه زميله، مثل مسجد، ثم دار، ثم رمان، ثم نمر وهكذا..
القارب الغارق: يجمع المتعلمون المفردات والتعبيرات لإنقاذ القارب، يمكن استخدام هذه اللعبة لجعل الأطفال قلقين، وفي المراحل الابتدائية يفضل استخدام تعليمات بسيطة واضحة.
البطاقات المتبادلة: يقوم كل طالب بطرح سؤال مكتوب في البطاقة على زميل من اختياره ويقوم الآخر بالإجابة، عادة يتم اختيار أسئلة مرحة وأحيانا محرجة أو تتضمن طرافة.
المزاد العلني: ويكون رائعا مع دروس النحو والمفردات وغيرها عبر منح اللاعبين فرصة للمزايدة بما يمتلكونه من نقاط حتى نفادها وكلما كانت الاجابات صحيحة اكتسبوا نقاط.([3])
لماذا الألعاب اللغوية؟
يمكن اختصار فوائد الألعاب اللغوية في : تكامل المهارات، الممارسة الفاعلة للغة، تعزيز الثقة، الانتماء، تعزيز الدافعية، كسر الروتين، تركيز الانتباه، مراعاة الفروق الفردية، والإبداع.([4])
من المباديء السائدة في تعليم اللغات الأجنبية، أن عملية التعليم والتعلم ينبغي أن تتم في مرح وبهجة، وبخاصة أنها عملية مرهقة ومتواصلة وممتدة، ويمكن تلبية الحافز النفسي باستخدام الألعاب داخل فصول اللغة أو عن بعد، وهو ما يدفع الدارسين للتنافس.
لهذا تساهم الألعاب اللغوية في مساندة جهود الدارسين، والتخفيف من رتابة الدروس وجفافها.([5])
وتعد الألعاب فرصة للاسترخاء والحرية، دون مؤثرات أو ضغوط واقعة على المتعلم، وتستثير دافعيته وتعدل سلوكه.
إن شخصية الطفل تتشكل في التفاعل النشط، أي من خلال ما يقوم به من ألوان النشاط المختلفة في نطاق التفاعل مع البيئة المحيطة، فاللعب حياة الطفل، وهو ضروري لتنمية الناحية الجسمية والحركية والعقلية والانفعالية وكذلك الاجتماعية عند الطفل.
يتعلم الطفل من خلال اللعب مباديء الكسب والخسارة، واستمرار المحاولة، ومحاكاة المواقف، وروح الفريق والتعاون، إلى جانب إعمال عقله والتفكير العميق واكتساب معلومات عن الناس والأشياء، وتنمية القدرة على التذكر، وتقوية الملاحظة، والابتكار والإبداع، وهي من جوانب النمو العقلي.([6])
وتنمي الألعاب اللغوية ملكة الطلاقة اللغوية Fluency وهي قدرة المتعلم على الاستخدام الدقيق للغة، وإنتاج العبارات المناسبة والمترابطة ضمن سياق محدد وبسرعة مناسبة دون تردد، وبما يشمله من ممارسة التخيل أثناء إنتاج الكلام.
من جهة أخرى، تساعد الألعاب اللغوية على التنغيم الصوتي أو Intoation وهو القدرة على تلوين طبقات الصوت أثناء التحدث والتحكم في ذلك بما يتناسب والأساليب اللغوية.
أيضا تساعد الألعاب على استخدام التعابير الجسدية Body Language ومهارات أخرى مثل التدليل أو Demostration أي عرض الرأي في موقف أو موضوع من وجهة نظر شخصية وعبر تقديم الحجج والبراهين لتدعيم الرأي.
تساعد الألعاب أيضا على تنظيم الأفكار لدى المتعلم Idea organization أي عرض الأفكار بشكل منظم وبتسلسل منطقي.
وبالطبع تعين الألعاب على الدقة اللغوية، وتشمل نطق الحروف واللغة الطبيعية واللغة الفصيحة الخالية من الأخطاء النحوية والصرفية.
كيف ننفذ لعبة لغوية ؟
تعرّف إستراتيجية التعليم عن طريق الألعاب بأنها: نشاطٌ فكريٌّ يُستثمر في اكتساب المعرفة بطريقة جديدة مبسطة، يقوم به المعلم لتنمية قدرات الطلاب العقلية والفكرية، ليحقق في الوقت ذاته المتعة والتسلية والعمل على توسيع آفاق الطلاب المعرفية.
إن استخدام الألعاب اللغوية وتطبيقها يتطلب من المعلم التخطيط وإدارة الوقت، فبالرغم من سهولتها وبساطتها، إلا أنه يجب مراعاة تطبيقها بطريقة صحيحة، وتشمل:
قبل استخدام اللعبة: الربط بين اللعبة وأهدافها، تحديد الرموز الخاصة، الوقت المخصص، قواعد اللعبة.
أثناء اللعبة: العمل كمراقب وموجه للعبة.
المعلمون المتحمسون يصنعون متعلمين شغوفين. ولن تجذب اللعبة جمهورك أبدًا إذا لم تكن متحمسًا لها.
لكي تكون هذه الألعاب جذابة ، يجب أن تكون المهام المتضمنة في “الوسط السعيد”. بمعنى ، لا يمكنك تقديم لغة متقدمة جدًا لهم ، ولكن أيضًا لا يمكن أن يكون سهلاً لدرجة أنهم سيبدأون في الاعتقاد بأنها مضيعة للوقت. ومن أصعب الأشياء التي يجب عليك القيام بها كشخص بالغ هو الاحتفال بكل شيء صغير. “رائع ، لقد فهمتم ذلك بشكل صحيح! ()
ما بعد اللعبة: قيادة النقاش في ضوء أهداف اللعبة، تقويم اللعبة وأفضل اللاعبين.([7]) عليك أن تجعل كل فرد في صفك يشعر وكأنه فائز بعد المباراة – بغض النظر عن فوز فريقهم أم لا. لهذا السبب تحتفل بكل نقطة صغيرة. لهذا السبب تثبت لهم طوال المباراة أنهم يحرزون تقدمًا مذهلاً في اللغة الهدف.
أعلن عن الجوائز التي تنتظر الفائزين قبل المباراة. وهذه الجوائز يمكن أن تكون أي شيء ، حقًا ؛ لست بحاجة إلى إنفاق الأموال على المكافآت.يمكنك مكافأتهم بختم النجوم أو منحهم لقبا خاصا أو نقاطا وهكذا.
..
اللعب يمثل للطفل أهمية بالغة لأنه يعتبر الوسيلة التي يتعرف بها على عالمه الخارجي، واللعب وسيلة لتوصيل المفاهيم وتنمية المهارات، وله فاعلية كبيرة في علاج تأخر اللغة، بالإضافة لإكساب الطفل حصيلة لغوية كبيرة وتنمية الإدراك والتمييز.[8]
ولكل ما سبق فإن الألعاب اللغوية تساهم في إكساب الطالب مهارات متنوعة، وتيسر عملية التعلم وتجعلها ممتعة، والأهم أن ما تتعلمه وأنت سعيد منطلق لن تنساه أبدا.
مراجع:
[1] Games in language learning: Opportunities and challenges
https://www.researchgate.net/publication/289231724_Games_in_language_learning_Opportunities_and_challenges
[2] Fun activities that help develop language learning in children
https://www.britishcouncil.my/english/courses-children/resources/fun-activities-that-develop-language-learning
[3] 7 Interactive Language Arts Games for Digital Classrooms
[4] نور سبانو: لعبة لغوية في تعليم اللغة العربية للناطقين بلغات أخرى.
[5]
د.محسن الصويركي: الألعاب اللغوية ودورهافي تنمية مهارات اللغة العربية، دار العلم للملايين
[6] غدير الربيحات: فاعلية استراتيجيةة الألعاب اللغوية في تنمية مهارات التحدث في مادة اللغة العربية، الجامعة الأردنية، المجلة العربية للعلوم، العدد السادس، المجلد الأول، يوليو 2017
[7] د. تحية التهامي: الألعاب اللغوية في تعليم العربية، الجامعة الإسلامية الماليزية، اتحاد معلمي اللغة العربية للناطقين بغيرها، سلسلة مقالات الألعاب اللغوية عبر الويب.
[8]نور شمة: الألعاب اللغوية في تعلم اللغة العربية، ورقة بحثية منشورة على الويب